وصفت المواطنة السعودية أم بدر بالمرأة الحديدية، وهي المرأة الوحيدة التي امتهنت جمع مخلفات الحديد، لبيعها لتجار الخردة، والاستفادة من عوائد ذلك في سد الأفواه الجائعة لأبنائها العشرة، وكان لإطلاق هذا اللقب على أم بدر جوانب أخرى في شخصيتها ومنها جسارتها وقوتها في خوض تجربه غريبة كسعودية، وكأنثى في العقد الخامس من عمرها، وتعيل ستة أولاد وأربع بنات أكبرهم في المرحلة الثانوية، وأصغرهم طفل في الثالثة من عمره. بعد أن تخلى والدهم عنهم ليرعى زوجته الثانية وأبناءها السبعة.
"الوطن" التقت هذه السيدة أثناء مهمة عملها اليومية في جمع قطع الحديد التي غالبا ما تمارسها العمالة المخالفة، وكانت تستعين بسيارة "وانيت" متهالكة يقودها أكبر أبنائها الذي لم يتجاوز الـ 14 من عمره.
وقالت السيدة الحديدية أو سيدة الحديد كما يطلق عليها البعض "هكذا أقضي ساعات يومي أبحث عن مخلفات الحديد، مستخدمة هذه السيارة التي بالكاد تمشي والتي حصلت عليها كصدقة من أحد المحسنين، وهي وسيلتي الوحيدة لأكسب قوت أسرتي الفقيرة، بعد أن غدر بي الزمان، فالحاجة جعلتني أتجول في الشوارع تحت أشعة شمس الرياض الحارقة، بحثا عن أي قطعة حديد في الشارع لأبيعها للعمالة الكيلو بريال"، مرددة المثل الشهير" لا يجنى من الشوك العنب "، تعبيراً عن استيائها من هذه الطريقة المتعبة لسد رمق جوع أطفالها.
وقالت أم بدر إن الزمن وزوجها هم وراء ما تعانيه من فاقة وحاجة"، مضيفة "طيلة 18 عاما عاملني زوجي بقسوة وبخل وإهمال لي ولأبنائي، حتى إنه نسي أن لديه أبناء، وانصرف لزوجته الثانية وأبنائها، تاركا أبناءه يتضورون جوعا، ويشكون الحاجة للناس".
وأكدت أم بدر أن أكثر ما يؤلمها هو أنها تتجرع مرارة الفقر من الحرمان البادي على ملامح أبنائها، واعتقادهم أنها هي السبب فيما يعانونه من جوع وفقر وحرمان، خاصة عندما يذهبون للمدرسة بدون مصروف، يغضبون منها وحدها، لأنهم نسوا والدهم كما نساهم، مما جعلها تبحث عن وسيلة تطعم أبناءها العشرة، فطرقت الأبواب وأخذت الصدقات وغسلت الملابس المستعملة وباعتها، ولجأت للضمان الاجتماعي وطلبت دعمه لها بمبلغ ليكون رأس مال تعمل من خلاله. إلا أن ذلك رفض "على حد قولها" بحجة أن زوجها يعمل وله راتب، إلى أن تأزمت قضيتها، ووصلت لخروجها بشكل يومي من الساعة الثانية ظهرا إلى غروب الشمس، لجمع مخلفات البناء من الحديد وأي قطع حديدية تجدها في الشوارع.
أم بدر أشارت إلى أنها بدأت ممارسة جمع الخردة منذ سبعة أشهر، ولا تتجاوز عوائد كل هذه الساعات الـ 20 ريالا يومياً. في حين لا يحالفها الحظ، وتعود بخفي حنين في كثير من الأيام.